قصة حوارية شيّقة مع عيالي بزمن التشكيك
بسم الله.
كنت مشغولاً بين تدوين تقارير استشارية والرد على المكالمات؛ حتى انتابني ضيق وشعور بالإرهاق وخاصة لما تطوف عليك أمور مزعجة منها شرعاً وعرفاً وذوقاً وأدباً؛ فأوقفت كل شيء وخرجت للترفيه مع العيال فهم راحة الروح ومتعة الفوح، تاركاً هواتفي بالسيارة، لتفرغ متعة الجلوس واللعب والمحادثة معهم، فهذه المخلوقات الأطفال عجيبة، وعقولهم ممتعة مؤنسة، بتوفيق الله كنت معهم من الساعة5 عصراً، حتى 9 مساءً، ومما دار من النقاش، أن الغالية ريانة العود ابنتي بالصف 9 تسالني بأدبها وذكائها: يا أبتي ليش المرأة ما تسافر من غير محرم؟ وهل هذا صحيح؟ وشو ينقصها؟
فقلت لها. وقد غشاني ترح فرح، هلع وخوف بمدى التشكيك الذي حولنا بأبجديات الأمور الشرعية ونحن قد لا نتفطن له، وراحة لحبي الشديد للحوار وبناء الفكر وتنمية العقل وخاصة لله الحمد في عيالي،
فقلت لها: بهدوء وبسمة حبيبتي من أين سمعتي هذا؟
قالت: من اليوتيوب والبنات يتناقشون ذلك.
فقلت لها: بنيه الحبيبة. لماذا تلبسين الكمامات؟
قالت: لأجل الصحة.
وقلت لها: من أخبرك بذلك؟
قالت: منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة.
قلت لها ولماذا يخبروننا ذلك؟
قالت: لأنهم حريصون على صحتنا ومصلحة الناس.
قلت لها: أيهما أشد حرصاً على صحتنا ومصلحة الناس ويحبنا أكثر، الله الذي خلقنا أم منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة.
قالت: أكيد الله أصلح وأرحم بالناس.
قلت: بنيتي لو قالت منظمة الصحة العالمية، أن ضرب الأب لأبنائه وبناته مفيد للصحة هل تقبلين؟
قالت: لا،
قلت لها: وإذا قالت منظمة الصحة العالمية، أن عقوق الوالدين يزيد العمر والصحة هل تقبلين؟
قالت: لا، طيب لو قالت منظمة الصحة العالمية: أنّ أكل الخنزير أو شرب الخمرة يفيد الصحة. هل تقبلين؟
قالت: لا.
قلت: لماذا؟
قالت: علشان الله عز وجل حرم هذه الأمور، فيها أذيه للناس سواء الأبناء أو الوالدين، وحرم الخنزير والخمر والله عز وجل أصدق وأصلح لنا منهم.
قلت لها: جميل، كيف نعرف يا بنيتي أن هذا الأمر من الله؟
قالت الفيلسوفة فطوم: عن طريق القرآن،
قلت: جميل جدا وكذلك أيش بعد؟
قالت ريان: نعرفه عن طريق القرآن كلام الله أو عن طريق إخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأمره لنا.
قلت لها: يعني إذا كان هناك أمر الله في القرآن أو أمر النبي عليه الصلاة والسلام أو كان هناك نهي من الله أو نهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلينا أن نصدقه ونتقبله بطاعة لأن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أحرص منا على مصالحنا وأنفع لنا فيما ينفعنا؛ كما أن الأب والأم أحرص لأبنائهم من أنفسهم،
قالت: نعم.
قلت: نأتي لسؤالك الحلو (سفر المرأة من غير محرم) يصح ولا لا يصح ؟، يا ريحانة هل تعرف أنه يكره للرجل أن يسافر لوحده؟
قالت: كيف؟
قلت لها: “نهى النبي صلى الله عليه وسلم بأن يسافر الرجل وحده، وقال: الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب.” لأن الإنسان لما يكون لوحده مسافر قد يمرض، ويتعرض للأذى، وقد يتعرض لمعاصي، وقد يتعرض لفتنة الشهوات ينزلق بها لكونه وحده لا يراه أحد يستحي منه في السفر. وعليه أن يسافر مع مجموعة تعينه إذا مرض وتتفقده أو تحفظه من اتباع خطوات الشيطان.
تخيلي أنا سافرت لدولة من دول مشهورة بعدم الأمان وكثرة العصابات والقتال أو معروفة بالفجور والمعاصي كيف يكون حالي ونفسيتي؟
قالت: بتكون خائف متوتر.
قلت: وإذا كنت مع المجموعة كيف أشعر.
قالت: تشعر بأمان وراحة لأنك مع مجموعه تراعيك وتهتم بك وأنت تهتم بهم،
قالت: أتذكر لما سافرت مع عم بو خالد وعلى ونايف إلى الهند. وبعضكم مرض هناك صح؟
قلت: نعم فكنا نشد بعضنا بعضا، فتخيلي لما أنا أكون لوحدي هناك لا أعرف المستشفيات وقد يُسرق مالي ولا أعرف موقع مراكز شرطة ولا قانون ونظام البلد وغير ذلك من الأمور،
قالت: صح.
قلت: هذا الحال مع الرجل مع قوته وتماسكه وقدرته البدنية والاحتياطية، فكيف المرأة خاصة لما تكون صغيرة وشابة؟ نعم صح عن النبي قال: “لا تسافر المرأة التي تؤمن بالله واليوم الآخر من غير محرم “.
وهذا الكلام للمرأة المؤمنة التي تحب الله ورسوله والتي تؤمن بالله عز وجل ورسوله واليوم الآخر، المطيعة لربّها ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما التي تعصي الله، فالله يعينها ويغفر لها ويتوب عليها ويحفظها ويهديها. بنيتي: كم مرة تسمعين ما يسمى اغتصاب النساء أو سرقة للنساء وأخذهن واحتجازهنّ لأعراضهم.
قالت: نعم نقرأ بالأخبار ونسمع كثير
قلت: لذلك لا تذهب المرأة وتسافر لوحدها من محرم يصونها لما تتعرض له من هذه الأمور فهذا مثل الإجراءات الاحترازية مع كورونا، ويوم ما عندها من يحميها من الرجال مِن أقاربها ومَن يخاف عليها. ويش يكون حالها.
قالت: الله يعينها،
يا بنيتي: شوف كيف اهتم فيكم وأحرص عليكم وأترك أشغالي وألعب معكم بساعات؟ وكيف أنا وأعمامك نخدم أمنا وأخواتنا؟ وكيف أوصل أمكم مشاويرها دبي والشارقة؟ وحتى أبوي كيف يوديهم؟ كل هذا طاعة لله سبحانه وتعالى فهو الذي أمرنا بذلك، فالمحرم لنسائه سائق للخير وحارس لهن كالأميرات، وينفذ أوامرهن وطلباتهنّ، فهذا من باب تكريم المرأة ورعايتها واحترامها وليس من باب تقليل شأنها ولا عدم الثقة عليها، وتخيلي يا حلوتي لما تسافري لوحدك أنت ستكوني خائفة ومتوترة ومطربة، بلاد جديدة، أشخاص جدد ما تعرفينهم خاصة أن معدل الجريمة بالعالم منتشرة. ويزداد ولا يقل، لماذا توضع الكاميرات في كل مكان في العالم؟ لارتفاع نسبة الجريمة..
قالت: كلام مقنع، جزاك الله خير يا أبوي، طيب أبوي: المرأة التي ما عندها محرم شو تعمل؟
يعني مثلاً امرأة الآن مرض ولدها وما عندها أهل وتريد أن تعالجه مسافة طويلة.
قلت لها: هذه حالة ضرورة، وحالة حاجة، وحالات الضرورة وحالات الحاجة وحالات المرأة وظروفها لوضعها يختلف من زمن إلى زمن ومن مكان إلى مكان، لكن حكم الله عز وجل وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم فيه رحمة ومرونة يصلح لكل مكان وزمان، مثال الآن لما جاءت كورونا ما تسكرت المساجد فترة خوفاً من انتشار المرض؟
قالت: نعم،
قلت لها: المرأة أذا انكسر ذراعها أو رجلها أليس الدكتور يكشف ويلمس رجلها أو يدها لأجل علاجها؟
قالت: نعم؛
فقلت لها: فنفس الشيء، التي ما عندها محرم يأخذها يوديها لها أن تسافر مثل حالات المرضى اللي ما عندها من المحارم فنحن لا نتكلم في حالات الضرورة وإنما نتكلم في حالات الاستقرار والأمان والسفر للترفيه والسياحة ومع وجود محرم؛ أما الضرورة والحاجة فلها وقتها المعين الذي يناسبها
قالت فطيمة: أبوي أبوي، سهل لما يوصل عشرة يكون رجال نقدر نسافر معاه؟
قلت: سهل دائم رجال، وألحين رجال، ويوم يكون عشرة سنوات يكون رجال، ونِعْم فيه ولا بد تسمعونه، لكن المحرم لا بد يكون كبير بالغ وعاقل يعني خمسة عشرة سنة فما فوق يقدر يحميكم.
قال سهل: أبوي البنات والحريم ما يسمعون الكلام؛ يمشون بمزاجهم أقول لهم أنا رجال لا بد تسمعون كلام رجال
قالت ريونة: نعم جزاك الله خير والله يهديك يا أبتي فهمت الأمور، وفهمت أن الله عز وجل والنبي صلى الله عليه وسلم رحيمون بنا وحريصون علينا أكثر من أنفسنا، وماذا يريد رب العالمين لنا وعلينا سوى الخير كله. وأن الأحكام إذا ما فهمنا الحكمة أو ما فهمنا مراد الله فيجب علينا أن نطبقها، فكلها فيها مصلحة وإذا كان الأمر من الله سبحانه وتعالى في القرآن أو من الله كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم نقول سمعنا وأطعنا.
عبدالقادر محمد عجال
الخميس 26-11-2020
No Comments