موقف غضبتُ فيه،،، فتعلمتُ،،، وتعالجتُ► المقالات

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع غيرك لتعم الفائدة

منذ فترة مرّ عليّ موقف غضبت فيه غضبًا شديدًا، ألهمني الله الصمت والسكوت بلطفه والحمد لله، وقد ألج الصمت المطبق مع الغليان الداخلي، لأن الصمت سلامة وغنيمة وقوة ثمينة وسلطان مكين ينجيك من أي كمين شيطاني أو استفزاز إنساني،
ولولا عناية الله لي،
ثم كتمان غيظي وعدم نفذه، حرصًا على سمعتي ومكانتي، وتردادي باللوذ إلى الله والتعوذ به من الشيطان الرجيم نافخ كير الغضب، ودعواتي لله بتخفيفه،
لكان مني ما لا يرضاه ولا أرضاه لكياني؛
لكن أثر ذلك بقي جاثيًا على صدري لأيام،، وسبب ذلك في تحليلي أن من عيوبي أني إذا غضبت أحتاج وقت وزمن لزوال الغضب من نفسي، لكن بتوفيق الله لا أتعدى، ولا أنتقم، ولا أعتدي، ولا أتعمد إضرار الآخر،
بَيْدَ أني أتقوقع بذاتي مع القيام بالواجبات المناطة بي نحو الطرف الآخر مهما كان الزعل ظاهريًا مني، وعلة هذا أنه فيّ من مرض العناد ما لو وزع على أهل بلدة لوسعهم، وهذا ما أضرني ويضرني كثيرًا، والغريب أني أجد فيه راحة وكبحًا لعواطفي، وللأسف هذا عيب عضال بفكري ونظري.
ثم استجاب الله بعد فترة عند القراءة المعتادة للقرآن المجيد وكنت واصلًا بالجزء الخامس والعشرين من سورة الشورى إلى سورة الجاثية،
فمرت عليّ آيات كانت بلسم الدواء الشافي، ونسمةً مطفأة لجمرة الغضب الموقدة، التي تطلع كلما تذكرت الموقف، فبعد تكرار متكرر لتعاطي قراءة الآيات وتقرير التفكر بقوة نظمها وتركيبها، والتدبر لموضع الغضب فيه وما ترتب من الجزاء لغافره؛ فقد جعل الله ترك الغضب وغفرانه مقرونًا باجتناب كبائر الذنوب وفواحش السيئات من الشرك والقتل والزنا والسحر والربا.
بل العجيب والغريب عليّ أن ترك إنفاذ الغضب تقدم بالذكر على الاستجابة لله وإقامة الصلاة مع أنها أعظم منزلةً ومقامًا، وتركها هو الفارق بين المؤمن والمشرك، وهي أجلّ صلة بين الخالق والمخلوق، وأن مَنْ أراد الخير والبقاء بمتاع الدنيا وإمتاع الآخرة فعليه ترك المحرمات والمؤذيات من الكبائر والفواحش والغضب، ولزوم الطاعة ودوام العبادة لله تعالى من الاستجابة له وحسن عبادته بالصلاة وترك الغضب،
قال الله تعالى {فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون * والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون *} سورة الشورى
والأعجب موضع ورود غفران الغضب؛ جاء بين اجتناب المنكرات وبين عمل الصالحات، فكأن من أسباب الغضب القرب من المحرمات ومقارفة المنهيات، وأن من أسباب السلامة من الغضب دوام صوالح الطاعات.فعند ذلك أذهَبَ الله عني حر الغضب الذي كان نارًا تلظى في جوفي مع السيطرة والهيمنة الإلهية لأفعالي عند الغضب.
فسبحان الله الذي جعل كلامه شفاء الصدور ودواء المعمور {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا * وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا} سورة الإسراء.وللعلم العادة الغالبة أني لا أغضب ولست غضوبًا، بل قد أنفعل قليلًا واتداركه بالأحسن فعلًا، لكن من عيوبي الشنيعة أني إذا غضبت أصبحت صعب الرضى، ولا أحمل بفضل الله على قلبي غلًا على الذي أغضبني، وإذا اتخذت قرارًا إثر هذا الغضب فمن العنت عليّ التراجع عنه؛ فلا أتراجع منه مهما كانت مغبته عليّ؛ ما دام القرار راجع لشخصيتي، وهذا عيب؛ وأخف ما أفعله الانسحاب والتهميش وإخراج الآخر من حيثياتي بحثًا عن سلامة دائرتي مع إعطاء الآخر كامل حرياته.ولعل فيك فضول بشري وتساؤل إنساني تسأله نفسك ما هو الموقف الذي أغضبك؟ ومن هذا الذي أغضبك؟ ولماذا أغضبك؟ وما فعلت به أنت حتى أغضبك؟ فاعلم أن هذا فضول يفصلك عن الإفادة، وحواشي لا تسمنك ولا تغنيك، وعند السادة الموريتانيين “من أشتغل بالحواشي طلع بلا شيء”

 

عبدالقادر محمد عجال

الجمعة 25 ربيع الأول 1444

21 أكتوبر 2022

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع غيرك لتعم الفائدة

No Comments

Post A Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

نوصيك بقراءة
إنّ الناظر للحياة الزوجية حال وفاقها أم حال شقاقها لا تخرج من المحاور الثلاثة التي…