أركان الإسلام والأسرة (3) الزكاة والأسرة (ب)
الركن الثالث: الزكاة والأسرة الجزء الثاني
وإنّ مما أوحى الله لعبده ورسوله مما اقترنت الأسرة بالصدقة والصدقة بالأسرة، وفيها الأجر الجزيل والثواب الجليل (النفقة) وهي مرة كالزكاة من حيث الفرضية ومرة كالصدقة تطوعاً إذ هو ﷺ: {ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } النجم ٣-٤، من ذلك قوله ﷺ: ” إذا أنفق الرجل على أهله نفقةً وهو يحْتَسبُها كانت له صدقة “رواه البخاري ومسلم، وقوله ﷺ: ” وإنّك لن تنفق نفقةً تبْتغي بها وجه الله إلا أُجِرت عليها، حتى ما تجْعلُ في فِيِّ امرأتك أي في فَمِها “رواه البخاري ومسلم، وقال: ” أَفْضَل دِينَار يُنْفِقُهُ الرَّجُل دينَارٌ يُنْفِقُهُ على عِيَالِهِ” رواه مسلم
بل الجماع والمعاشرة والعفاف للزوجين الطُهْر كله، والطهور من الإيمان بل شطر الإيمان وأَمَاثِل الأعمال والعفاف، فعن أبي كبشة الأنماري قال: مرّت بالنبّي ﷺ امرأة فوقعّ في قلْبِهِ شهوةُ النساءِ؛ فدخل على بعض زوجاتِهِ، وقال: فكذلكَ فافعلوا فإنَّ مِنْ أماثل أعمالكم إتيان الحلال ” رواه الطبراني وحسنه الألباني بالسلسلة الصحيحة برقم 235، واعفاف الأبصار وتحصين الفروج واشباع الشهوات أخير الصدقات قال ﷺ: ” وفي بُضعِ أحدِكم صدقةٌ، قالوا: يا رسولَ اللهِ أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكونُ له فيه أجرٌ؟ فقال ﷺ: أرأَيْتُم لو وضَعها في الحرامِ أكان عليه فيه وِزرٌ؛ فكذلك إذا وضَعها في الحلالِ كان له أجرٌ ” صحيح رواه ابن حبان، فإذا أراد الزوجان معرفة مقدار الأجر وقدر الصدقة المترتبة من الجماع، فليتفكرا بقبائح وآثام وعقوبات الزنا، وقال ﷺ: كلُّ شيءٍ ليس فيه ذِكْرُ اللهِ فهو لَغْوٌ وسَهْوٌ ولَعِبٌ إلا أَرْبَعَ خِصالٍ ملاعبةُ الرجلِ امرأتَه و…” صححه الألباني في آداب الزفاف (205)
وثمرات الأسرة الذرية الصالحة صدقة لك وزكاة عليك؛ فإما يسبقك ويكون لك حاجزاً عن النيران قال ﷺ: ” أيُّما امرأةٍ مات لها ثلاثةٌ من الولدِ، كانوا لها حجابًا من النارِ، قالت امرأةٌ: واثنانِ، قال: واثنانِ ” رواه البخاري
وإما تسبقه أنت وتخلفه بالدنيا فتصلك روح حسناته وريحان دعواته صدقة جارية بقبرك قال ﷺ:” إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ : إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له ” رواه مسلم
وإن مما يَحْسُن التَنبُه إليه خاصة بهذا الزمن في (مال الزوجة) أمور تؤخذ بعين الاعتبار منها:
⁃حرص الزوجة الصالحة على النفقة في بيتها وزوجها إن كانت ذات مال بتجارة أو إرث أو صاحبة وظيفة تدر عليها راتباً شهرياً؛ فهو صدقة لها وهي المستفيدة فإحسانها لنفسها وميزان صحيفتها، وليس لها أي منّة على زوجها، فلا تبخل على نفسها بالأجر الحاصل لها من نفع زوجها وولده منها أو من غيرها، وهذا لا يكون إلا لمؤمنة طيبة النفس، سخية الحس، جميلة السجايا، فقد قالت زينب امرأة ابن مسعود: يا نبي الله، إنك أمرت اليومَ بالصدقة، وكان عِندَي حلي لي، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود: أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبيُّ: صدق ابن مسعود، زوجكِ وولدكِ أحق مَنْ تصدقت به عليهم” أخرجه البخاري ومسلم
⁃أن مشاركتها لزوجها منها ما هو نفلٌ وتطوعٌ منها، وكرمٌ وتصنعٌ محمود لزوجها، فهو وولدها أحق من تصدقت عليهم، ومنها ما هو واجب عليها مما له تأثير على وقت الزوج؛ إذا كانت عاملة بخارج المنزل فالأصل الشرعي أن الزوجة محبوسة لزوجها وهو الذي ينفق عليها بكرم ما يحفظ كرامتها ويصونها.
⁃حرص الزوج حسب قدرته على نفقه الزوجة؛ مما أصبح من العرف المعتبر من مصروف يضعه الزوج بيد زوجته لقيامها بذاتها وخصيصة لحاجياتها الذاتية، ولو كانت الزوجة غنية وأغنى منه بكثير فهذا مما يشعرها الاهتمام والأمان ويعظم حظوتها ومكانتها عنده ويزيدها حباً وتعظيماً له.
⁃التوثيق للمال المشترك مما يُبْنى به البيوت أو العقارات أو غير ذلك؛ فجعل الأموال المشتركة باسم أحدهما فقط دون الآخر مما يورث الظلم والنكران وهو كثير في حال الشقاق والطلاق فالحذر الحذر من ذلك، ويسبب ضيّاع حقوق عديد من الورثة حال الوفاة فلا بد من التوثيق ذلك بالمحاكم لسلامة الدارين
وخير المال وأنفع الصدقة بين أفراد الأسرة زكاة المحبة والوفاق وزكاة عن الخلاف والشقاق، والنفقة على الأهل وبذل المال لهم فهو ذب عن عرضك عن البخل والشح والتقصير
وحاسب فالمحاسبة لا تعارض البذل ونثر المال عليهم، بل هي لتحميل المسؤوليات ولا تَمْنُن تستكثر ولإحسانك فاصبر فإحسانك فقط لنفسك؛ فانك لن تنفع نفقة على اهلك إلا كانت في ميزان أعمالك لا أعمالهم
فإن من عادات الطبيعة للناس من الاقارب والأقرب انهم لا يفرقون بين الفرض لهم عليك والتطوع تفضلاً منك فلا بد تعليمهم لذلك سواء كانت زوجة او ولدا او زوجا وهذا من باب وضع كل شيء محلة لا تكبر ولا تمنن.
عبدالقادر محمد عجال
4- جمادى2- 1440
………… يتبعه الركن الرابع الصيام والأسرة
No Comments