أركان الإسلام والأسرة (5) الحجّ والأسرة(أ)
الركن الخامس: الحجّ والأسرة جزء 1
قال رسول الله ﷺ: “بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ” خرجه البخاري ومسلم
- الحجّ في اللغة القصد والأسرة الوسيلة والقصد لبلوغ الغايات العُلى في الدنيا، ومقاصد المُنى في الجنة الأعلى
الحجّ هوى الإيمان وهُدى الرّحمن بأشهر معلومات والأسرة هوى الوُد والرحمة بالأمان وهدايا أيام وأشهر وأعوام معلومات معدودات بالحنان، وعلاقة الحجّ والأسرة ممتدة مَعْناً وتأْريخاً عبر سنون الزمان؛ لذلك جعل الله من مبطلات الحجّ المعاشرة الزوجية التي هي أُس وأساس عفاف ترابط الذكر والأنثى، بل جاء النهي عن الخطبة وعقد الزواج التي هي مقبلات ومقدمات الترابط الأسمى بين الزوجين، فالحاج ما دام مُحْرماً بالحجّ وكذا العمرة لا يقرب كل ذلك، قال تعالى: { الحجّ أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحجّ} البقرة ١٩٧، والرفث هو الجماع أي جماع الزوجات وهذا يلزم مرافقة الزوجات وأخذهنّ للحجّ والعناية بهنّ وبعباداتهنّ لأداء خامس أركان الاسلام بكل حب زوجي، وعبادة روحية؛ فظهر العلاقة بين هذا الركن وبين الأسرة، ومن العلاقة بين الحجّ والأسرة ربط ذكر الله بالحجّ كقوة ترابط ذكر الأبناء بمآثر وإنعام الآباء أو أشدّ ذكراً، قال الله: { فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا } البقرة ٢٠٠، والآباء من أفراد الأسرة ولا يكون بذلك إلا لعناية الآباء بالأبناء وأمهاتهم
وهذا خليل الرّحمن إبراهيم ﷺ هو وأسرة، وإليهم ومعالمهم ترجع بعض أركان الحجّ
فهو الذي اسكن أهله بمكة وسأل الله صرف قلوب العباد اليها للحجّ فيها {ربنّا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون } إبراهيم ٣٧، وهو الذي رفع عمدان الكعبة وقواعد البين مع ابنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام التي يطاف عليها اليوم { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم }البقرة١٢٧
وهذا الركن السعي بين الصفا والمروة الذي هو سعي الناس اليوم في الحجّ، { إنّ الصّفا والمروة من شعائر الله فَمَن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوَّف بهما } البقرة ١٥٨، أصله سعي هاجر أم إسماعيل بين جبلي الصّفا والمروة لما خافت على ولدها الموت من شدة العطش، جزاء الله عنها بعدد مَن سعى وطاف بينهما
وهذا ماء زمزم المبارك طعام طُعْمٍ وشفاء سُقْمٍ وهو لما شرب له فأصله هو الماء أنبعه الله بالملك اثناء سعي هاجر بين الصّفا والمروة فإذا هي بالمَلَكِ عند موضعِ زمزمَ، فبحث بعقبِهِ، أو بجناحِهِ، حتى ظهرِ الماءِ، فجعلت تَحُوضُهُ بيدها، وجعلت تغرُفُ من الماءِ في سقائها وهو يفورُ بعد ما تغرفُ فشربت وأرضعتْ ولدها، قال لها الملَكُ : لا تخافوا الضَّيْعَةَ ، فإنَّ ها هنا بيتُ اللهِ ، يبني هذا الغلامُ وأبوهُ، وإنَّ اللهَ لا يُضَيِّعُ أهلَهُ ” رواه البخاري
وهذا الهدي والقربان والأضاحي والفدية التي تساق إلى الحجّ من بهيمة الأنعام الذي هو من شعائر الله بالحج {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } البقرة ١٩٦، فيذكرنا بعظم ومكانة وأثر الاستلام لله وأوامره كقصة استسلام إبراهيم وولده عليهما الصلاة السلام لأمر الله ذبح ابنه { فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم } الصافات١٠٣-١٠٧
كل هذا يُنْبِئك متانة الترابط بين الأسرة الإبراهيمية وبين الحجّ والتوحيد والشهادة لله والصلاة كما سبق بيانه في مواطن كل ركن، { إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين * ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } البقرة ١٣١-١٣٢
عبدالقادر محمد عجال
6- جمادى2- 1440
………… يتبعه الجزء (2) الركن الخامس الحجّ والأسرة
No Comments